CLICK HERE FOR BLOGGER TEMPLATES AND MYSPACE LAYOUTS »

Sunday, December 21, 2008

قراءة بالعقل !!





فراج إسماعيل يكتب :

انتهت سكرة الفتح المبين برمية حذاء منتظر الزيدي على "نافوخ" بوش. هدأت قليلا الفرحة الطاغية التي انطلقت من المحيط إلى الخليج لتحتفل ببطل قومي غاب عنا منذ عصور الفتوحات الإسلامية! القول بشيء آخر في غمرة هذه الاحتفالات والمهرجانات، مشي على الأشواك، دخول في المحظور، عملية انتحارية تنتهي باتهامات الصهينة والعمالة لأمريكا. ولأنني أخشى الأشواك وأتفادى المحظور، ولا أحب الموت، أؤكد وأبصم بالعشرة أنني واحد من ملايين العالم العربي المغتبطة برمية الحذاء التي عبرت بشجاعة عن ما يكنه الشعب العراقي نحو بوش، وعن السجل الأسود الذي يرحل به غير مأسوف عليه. طبيعي في ظل الظروف المأساوية التي آل إليها العراق أن يتم رميه بالحذاء أو الصرمة أو الكندرة أو النعل أو "القديمة" أو حتى "القبقاب" الذي قُتلت به الملكة "شجرة الدر" التي حكمت مصر، والمفارقة أنها كانت تابعة لبغداد عاصمة الخلافة العباسية في عهد الخليفة المستعصم. لكن من غير الطبيعي أو الصحي أن نحتفل برمية حذاء بهذه الطريقة، وأن نعتقد ونحن في كامل قوانا العقلية بأن بطلنا القومي الجديد منتظر الزيدي أعاد لنا الكرامة المسلوبة المهانة كما قال كثيرون بمن فيهم صحفيون وشعراء ومثقفون كبار! ردة فعلنا تعكس الاحباط والانهزامية، ومدعاة للسخرية، فبينما نشاهد في القارة الهندية توازن الرعب النووي بين الجارتين اللدودتين الهند وباكستان، نفتخر نحن بما يضمه دولاب أحذية الزيدي من "موديلات" الدمار الشامل! بالفعل هذا ما حدث بالضبط. فقد طيرت وكالات الأنباء وبثت القنوات الفضائية صورة شقيقه متصفحا دولاب أحذيته، وهتفت العرب العاربة له عبر منتديات الانترنت "بوركت يا أطهر حذاء. بك سنستعيد المجد الزائل والكرامة المبعثرة"! اختصروا القصة كلها في إهانة بوش مع أنه لم يشعر بالاهانة مطلقا واعتبرها مشهدا متكاملا للديمقراطية وحرية التعبير التي وصل إليها العراق بفضله! هذا الذي يصفه زملاء ومحللون بالغبي، استغل "الحذاء" برسالة سريعة معاكسة في جزء من الثانية. لم يفقد وقار الرئيس وهو ينحني مرتين لتلافي الفردة إثر الأخرى، محولا الموقف كله إلى مشهد كوميدي عادي في ظل الحرية المزعومة، أشبه بالبيض الفاسد الذي يلقى في الغرب على الرؤساء والزعماء فلا يمس شعرة من كرامتهم. رسالة الحذاء لا تتجاوز إعلان غضب، وأن الشعب العراقي كما قالت الصحافة الأمريكية يكره بوش مثلما كره صدام حسين. كان يجب على إعلامنا، محطات فضائية وصحافة، عدم الانجراف إلى عواطف الشارع. في الكرة لا يجوز أن يتحدث الناقد بمنطق مشجع الدرجة الثالثة، والأمر نفسه يسري على السياسة. في الأيام الماضية انتقل إعلاميون عرب كثيرون من الميدان الذي يجب أن يكونوا فيه، إلى مقاعد المتفرجين الحانقين الجاهزين بأحذيتهم للتعبير عن الرأي والغضب. هبت المؤسسات الحقوقية والمنظمات الصحفية العالمية دفاعا عن الزميل ابراهيم عيسى عندما صدر عليه حكم بالحبس في قضية صحة الرئيس، ثم منحوه بعد ذلك جائزة دولية.. لماذا فعلوا ذلك.. هل على رأسه ريشة؟! القصة كلها أنه واجه جحيم السلطة بالقلم والرأي الحر، وهو السلاح الطبيعي الذي يجب أن نقيس به بطولة صحفي واستبساله. قناة مثل "الحياة" سهرت يومين كاملين في حفلة حذاء الفتح المبين مع الناس والصحفيين والمثقفين والفنانين. كنت في غاية الاشفاق على المذيعين الشابين اللذين قدما تلك الحفلة، فمن قال لهما إن رسالة الصحفي البطولية، هي الحذاء و"البلغة" القديمة؟! لا ننكر على الزيدي مشاعره الانسانية، وتأثره ببيئته المهمشة في مدينة الصدر الفقيرة المتوجعة، لكنه دخل المؤتمر الصحفي صحفيا وليس فدائيا، له مهمة محددة تحكمها معايير ومبادئ وأصول. هذه المعايير والمبادئ والأصول جعلت المؤسسات الدولية تدافع عن الصحفيين والمراسلين عندما استهدفتهم القوات الأمريكية بالعراق، وحثت على توفير الحماية والتسهيلات لهم! القتل والسحل الذي واجهه البعض منهم ليس مبررا للخروج عن مهنيتهم، فإذا أراد صحفي أن ينتقم بالفعل الجسدي وأن يدافع عن كرامة وطنه وناسه بطرق أخرى، فليلق القلم ويترك مهنته، تماما مثل الطبيب الذي ينتقل إلى ممارسة الصحافة وضابط الشرطة الذي يمتهن المحاماة. بقدر ما أسعدت رمية الحذاء الغالبية في بلاد العرب وأشعرتهم باسترداد كرامتهم، بقدر ما أساءت للصحفيين من بني جلدتنا في نظر الاعلام الغربي، وهذا ليس من صالحنا على الإطلاق، ففي ظل مخاطر الديكتاتوريات التي نعيشها، يظل احتياجنا إلى مساندة المؤسسات الصحفية الدولية قائما وبشدة، فما أكثر المعتقلات والزنازين ببلادنا التي تنتظر أصحاب القلم والضمير! إننا نفقد سندا مهما للغاية بهذا التهويل، بالإضافة إلى خطر تعبئة وتحريض الأجيال الجديدة من الصحفيين على سلوك جديد على المهنة مسيء لها ولحياديتها في نقل المعلومات، وقوتها وسطوتها في إبداء الرأي. رسالة أخرى معاكسة لم يدركها كثير من المحتفين في بلاط صاحبة الجلالة "الصحافة العربية" وهو أن فعلا مماثلا لو حدث في مؤتمر صحفي لزعيم عربي لانتهى بقتل رامي الحذاء فورا، وباعتقال عائلته وكل من يمت له بصلة. والحقيقة أن قليلين من الصحفيين عندنا واتتهم الشجاعة ليقولوا لـ"الغولة" في بلدانهم "عينك حمرا"!.. وكان الثمن اعتقالات أو تدبير اتهامات ضدهم وصدور أحكام بالسجن. بوش وصف ضربة الحذاء بأنها حرية تعبير، وهذه حسبت له شئنا أم أبينا. نعم تعرض الزيدي للضرب العنيف، لكنه لم يختف من الوجود، ولم يعتقل أشقاؤه، بل أبرزت لنا الصور أحدهم وهو يعرض خزين شقيقه من أحذية الدمار الشامل! جرى اعتقال أربعة صحفيين من قناة البغدادية كانوا يشاركون الزيدي مهمة حضور المؤتمر الصحفي، وأُطلقوا بعد وقت وجيز بتدخل من السفارة الأمريكية، وهو ما أبرزته وسائل إعلام عربية وغربية كدليل على الحرية والديمقراطية.. فهل وصلتنا هذه الرسالة؟! في بلادنا يؤخذ الأبرياء بجريرة المشتبه فيهم فتمتلئ المعتقلات والسجون، وبعضهم يختفي أثره وينسى في غياهب الجب، ويضرب من تقوده قدماه أو مصيره الأغبر إلى مركز شرطة بأحذية أصغر ضابط أو أمين شرطة إسم الله! الحذاء الذي احتفينا به واعتبرناه فتحا مبينا، يخبط منا القفا والرأس والوجه في كل وقت. فهل نسينا أن ضابطا في الاسكندرية ركل به ولي أمر تلميذ في مدرسة ابتدائية لمجرد أنه تظاهر، فكسر له عموده الفقري وأصابه بالشلل، بالإضافة إلى حالات أخرى يندى لها الجبين!
من موقع العربية
* نقلا عن جريدة "الدستور" المصرية


Bookmark and Share

5 comments:

بسبوسة said...

أأأأأةةةة
تنهيدة على حالنا

mido said...

بسبوسة

ان شاء الله حالنا حينصلح قريبا

دعاء مواجهات said...

بينا احنا مش بغيرنا

ومش بالجزم هننصلح

صح ولا اية ياعم الدستورجى؟؟

شمس النهار said...

ازيك شفت ريحتك مني شهر
بس رجعت لاقيت الدنيابايظه الكمبيوتر والابتوب وكله
ماتخافش هيتصلحوا علي يد جهابزتنا الكرام
انت عامل ايه واخبار الامتحانات ايه
ربنا معاك
موضوع الجزمه مش قادره اقولك كان له صدي قد ايه في الحج مع تعدد الجنسيات اللي كنا فيه
هو صحيح شئ غير حضاري بس بيني وبينك كان في الجون

mido said...

دعاء

صح يا مواجهات
انت حطة صورة البروفايل حبل مشنقة ؟ :))

شمس

حمدالله على السلامة

الامتحانات قربت مش حقدر اتابع المدونات كويس